القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان
القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان
17 /1شرقي (30 /1 غربي)
كاتب سيرة أبينا البار القديس أنطونيوس الكبير هو القديس أثناسيوس الكبير رئيس أساقفة الإسكندرية.
وُلد أنطونيوس سنة 251 مسيحية، في مدينة كومان في مصر العليا القريبة من الصعيد، من والدين مسيحيين تقيين من أشراف البلد وأغنيائها. قبطي الحسب والنسب.
لم يتعلّم انطونيوس لا القراءة ولا الكتابة. ولكنّ الله قد حباه بذكاء طبيعيّ؛ بنوع أنه كان يحفظ عن ظهر القلب كل ما كان يتلى عليه من نصوص الكتب المقدّسة وحياة الآباء القديسين وأخبار النساك.
وبينما كان يوماًَ في الكنيسة لحضور القداس الألهي والأشتراك فيه، سمع يسوع يقول في الإنجيل لذلك الشاب الغني: "إذا شئت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع ما تملكه وأعطه للمساكين، فيكون لك كنز في السماء وتعال فاتبعني"... فأثر فيه هذا الكلام وأخذ يتأمله ملياً كأنه موجه اليه خصوصاً. فحركت نعمة الله قلبه وعلّل النفس بترك العالم والإقتداء بالمسيح الفقير وبمن سبقوه الى البريّة.
في هذه الفترة المقلقة والمصيرية من حياته توفى الله والديه.
فعزم نهائياً على ترك العالم الزائل وله من العمر ثمانية عشر سنة. مخلفاً وراءه أختاً وحيدة وثروة طائلة. فأعطى أخته حصتها من الميراث الوالدي وفرّق كل ما تبقّى له على المساكين وعلى بيوت الإحسان، كما قال السيد المسيح في الإنجيل، وذهب الى الفقر لا يملك شيئاً من حطام الدنيا، متكلاً على العناية الألهية وحدها. وذهب الى البريّة. وكان عالماً بوجود النساك هناك، فراح يفكر بأب روحي خبير في أمور الروح ومرشد عالم بتدريب النفوس.
لذلك كلما كان يعلم بوجود ناسك هنا أو هناك، يذهب اليه للتعرف عليه والإقتداء بفضائله والإستفادة من إرشاداته. وأخذ يماثلهم وينافسهم في الصلاة والتقشفات الشاقة والأصوام والأسهار الطويلة.
دُعيَ القديس انطونيوس اول النساك وأبا الرهبان لكن هذا لا يعني ويجب ان لا يُفهم انه لم يكن من نساك قبله. فقد حقق العلماء المؤرخون ان الحياة النسكية كانت قبل المسيح وبعده، وان مصر كانت مهد الحياة النسكية باجماع المؤرخين قبل انطونيوس وبعده.
فكر القديس انطونيوس بالهام الهي ان يفتش متوغلاً في البريّة عن ناسك يفوقه فضلاً وفضيلة يسترشده. وبعد مسيرة يومين وجد شيخاً جليلاً مهيباً قديم الأيام، يطفح وجهه بالنور الإلهي والحبور، هو القديس بولا اول السائحين.
ومن الظريف والمفيد جداً ان نقدّم للقارئ ملخصاً عن حياة هذا القديس، لما لحياته من تأثير عميق على السامعين ومن اثر طيب في حياة تلميذه القديس انطونيوس.
وُلدَ بولا في مدينة طيبة في الصعيد الأسفل سنة 229. وكان والداه تقيين غنيين، قد توفيا وله من العمر خمس عشرة سنة.
درس مباديء الدين والأخلاق على يد والديه وتعلم القراءة والكتابة في مدرسة بلدته الطيبة.
فصار عالماً بآداب اللغتين اليونانية والمصرية، وغنياً بفضائل التقوى المسيحية والوداعة والحشمة وخوف الله التي أخذها عن والديه. ولما اثار داسيوس الملك سنة 249 اضطهاداً شديداً على المسيحيين، وعلم بولا بهذه المباسبة ان صهره زوج شقيقته يريد ان يسلمّه ليستولي على ثروته، شق عليه ذلك وكره الدنيا. فتركها وهرب الى البريّة سنة 250 وله من العمر عشرون سنة. وسكن مغارة بقربها عين ماء يشرب منها، ونخلة يستظل بظلها ويقتات من اثمارها ويكتسي من اوراقها. وقضى ثلاثاً وعشرون سنة يأكل من اثمار النخلة, عائشاً بالصلاة والتأمل والتقشفات الشاقة، مستغرقاً بالله، إلى ان صار الله يرسل له كل يوم بنصف رغيف بفم غراب كما كان يفعل مع ايليا النبي.
ولما زاره انطونيوس ابتسم كل للآخر وتبادلا السلام. ولم يكن بينهما سابق معرفة. وبعد ان تعارفا وتحدثا طويلاً، مجدا الله سوية وصليا. وفي النهاية، وقد حان وقت الطعام، الوجبة الوحيدة في اليوم، جاء الغراب هذه المرة وفي فمه رغيف كامل. وتوفي القديس بولا ودفنه القديس انطونيوس، وقلبه مفعم حزناً، موطداً العزم على اقتفاء اثاره والاقتداء بمثله.
لم يترك انطونيوس العالم ليتنسك في البرية بغضاً بالعالم وكرهاً، بل محبة بالله وبالعالم.
شاع خبر قداسته في بلاد الصعيد وكل مصر، فتقاطرت الناس الى مغارته من كل حدب وصوب لمشاهدته وطلب بركته والاستفادة من ارشاداته الروحيّة.
كانت حياته اكبر موعظة وانفع دعاية لاكتساب الدعوات، وأعمق تأثيراً في نفوس وحياة الناس؛
فتجمع حواليه عدد لا يستهان من المؤمنين يسترشدونه. فتتلمذ له عدد من هؤلاء؛ حتى امتلأت البريّة بالنساك وعمرت بالصوامع.
لذلك فالقديس انطونيوس يدعى بكل حق منشيء الحياة الرهبانية الجماعية وأول واضعي القوانين الرهبانية.
قال : "الكتاب المقدس هو نور هاد وكاف لينير عقلنا ويقدس نفوسنا ويسدد خطانا نحو البرّ والقداسة والسعادة. وهو غذاء للنفس وينبوع تجري منه مياه النعمة للحياة الأبدية. كيف لا وهو كلام الله الذي قال أنا الطريق والحق والحياة؛ وانا الراعي الصالح؛ تزول الدنيا وحرف واحد من الناموس لا يزول".
لقد انعم الله على القديس انطونيوس بحياة طويلة، قضاها مع الله بالجهاد العنيد والتهجد المستمر والحب المستميت.
ولما علم بدنو اجله حدثته نفسه بزيارة تلاميذه في صوامعهم للمرة الأخيرة ليراهم ويلقي عليهم وصيته الأبوية الأخيرة. ولما وصل سلّم عليهم وقال: "هذه، يا أولادي زيارتي الأخيرة لكم. ولا اظن اني اراكم بعد في هذه الدنيا. ان المئة والخمس سنين تضطرني الى ان انحلّ من هذا الجسم الفاني".
وتابع يقول: "يا اولادي، اني مغادركم. غير اني لا انفك عن محبتكم. مارسوا دائماً اعمالكم المقدسة ولا تتراخو قط. احرصوا كل الحرص الا تدنس انفسكم شوائب الأفكار. اجعلوا الموت نصب اعينكم واجعلوا قيد ابصاركم حياة القديسين واقتدوا بهم."...
هكذا كانت حياة القديس انطونيوس في هذه الدنيا. وحياته في هذه الدنيا كانت بداية حياة رهبانية جماعية اتخذت مثالا وبداية سعادة ابدية خالدة في السماء.
تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة في اليوم السابع عشر من شهر كانون الثاني.
17 /1شرقي (30 /1 غربي)
كاتب سيرة أبينا البار القديس أنطونيوس الكبير هو القديس أثناسيوس الكبير رئيس أساقفة الإسكندرية.
وُلد أنطونيوس سنة 251 مسيحية، في مدينة كومان في مصر العليا القريبة من الصعيد، من والدين مسيحيين تقيين من أشراف البلد وأغنيائها. قبطي الحسب والنسب.
لم يتعلّم انطونيوس لا القراءة ولا الكتابة. ولكنّ الله قد حباه بذكاء طبيعيّ؛ بنوع أنه كان يحفظ عن ظهر القلب كل ما كان يتلى عليه من نصوص الكتب المقدّسة وحياة الآباء القديسين وأخبار النساك.
وبينما كان يوماًَ في الكنيسة لحضور القداس الألهي والأشتراك فيه، سمع يسوع يقول في الإنجيل لذلك الشاب الغني: "إذا شئت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع ما تملكه وأعطه للمساكين، فيكون لك كنز في السماء وتعال فاتبعني"... فأثر فيه هذا الكلام وأخذ يتأمله ملياً كأنه موجه اليه خصوصاً. فحركت نعمة الله قلبه وعلّل النفس بترك العالم والإقتداء بالمسيح الفقير وبمن سبقوه الى البريّة.
في هذه الفترة المقلقة والمصيرية من حياته توفى الله والديه.
فعزم نهائياً على ترك العالم الزائل وله من العمر ثمانية عشر سنة. مخلفاً وراءه أختاً وحيدة وثروة طائلة. فأعطى أخته حصتها من الميراث الوالدي وفرّق كل ما تبقّى له على المساكين وعلى بيوت الإحسان، كما قال السيد المسيح في الإنجيل، وذهب الى الفقر لا يملك شيئاً من حطام الدنيا، متكلاً على العناية الألهية وحدها. وذهب الى البريّة. وكان عالماً بوجود النساك هناك، فراح يفكر بأب روحي خبير في أمور الروح ومرشد عالم بتدريب النفوس.
لذلك كلما كان يعلم بوجود ناسك هنا أو هناك، يذهب اليه للتعرف عليه والإقتداء بفضائله والإستفادة من إرشاداته. وأخذ يماثلهم وينافسهم في الصلاة والتقشفات الشاقة والأصوام والأسهار الطويلة.
دُعيَ القديس انطونيوس اول النساك وأبا الرهبان لكن هذا لا يعني ويجب ان لا يُفهم انه لم يكن من نساك قبله. فقد حقق العلماء المؤرخون ان الحياة النسكية كانت قبل المسيح وبعده، وان مصر كانت مهد الحياة النسكية باجماع المؤرخين قبل انطونيوس وبعده.
فكر القديس انطونيوس بالهام الهي ان يفتش متوغلاً في البريّة عن ناسك يفوقه فضلاً وفضيلة يسترشده. وبعد مسيرة يومين وجد شيخاً جليلاً مهيباً قديم الأيام، يطفح وجهه بالنور الإلهي والحبور، هو القديس بولا اول السائحين.
ومن الظريف والمفيد جداً ان نقدّم للقارئ ملخصاً عن حياة هذا القديس، لما لحياته من تأثير عميق على السامعين ومن اثر طيب في حياة تلميذه القديس انطونيوس.
وُلدَ بولا في مدينة طيبة في الصعيد الأسفل سنة 229. وكان والداه تقيين غنيين، قد توفيا وله من العمر خمس عشرة سنة.
درس مباديء الدين والأخلاق على يد والديه وتعلم القراءة والكتابة في مدرسة بلدته الطيبة.
فصار عالماً بآداب اللغتين اليونانية والمصرية، وغنياً بفضائل التقوى المسيحية والوداعة والحشمة وخوف الله التي أخذها عن والديه. ولما اثار داسيوس الملك سنة 249 اضطهاداً شديداً على المسيحيين، وعلم بولا بهذه المباسبة ان صهره زوج شقيقته يريد ان يسلمّه ليستولي على ثروته، شق عليه ذلك وكره الدنيا. فتركها وهرب الى البريّة سنة 250 وله من العمر عشرون سنة. وسكن مغارة بقربها عين ماء يشرب منها، ونخلة يستظل بظلها ويقتات من اثمارها ويكتسي من اوراقها. وقضى ثلاثاً وعشرون سنة يأكل من اثمار النخلة, عائشاً بالصلاة والتأمل والتقشفات الشاقة، مستغرقاً بالله، إلى ان صار الله يرسل له كل يوم بنصف رغيف بفم غراب كما كان يفعل مع ايليا النبي.
ولما زاره انطونيوس ابتسم كل للآخر وتبادلا السلام. ولم يكن بينهما سابق معرفة. وبعد ان تعارفا وتحدثا طويلاً، مجدا الله سوية وصليا. وفي النهاية، وقد حان وقت الطعام، الوجبة الوحيدة في اليوم، جاء الغراب هذه المرة وفي فمه رغيف كامل. وتوفي القديس بولا ودفنه القديس انطونيوس، وقلبه مفعم حزناً، موطداً العزم على اقتفاء اثاره والاقتداء بمثله.
لم يترك انطونيوس العالم ليتنسك في البرية بغضاً بالعالم وكرهاً، بل محبة بالله وبالعالم.
شاع خبر قداسته في بلاد الصعيد وكل مصر، فتقاطرت الناس الى مغارته من كل حدب وصوب لمشاهدته وطلب بركته والاستفادة من ارشاداته الروحيّة.
كانت حياته اكبر موعظة وانفع دعاية لاكتساب الدعوات، وأعمق تأثيراً في نفوس وحياة الناس؛
فتجمع حواليه عدد لا يستهان من المؤمنين يسترشدونه. فتتلمذ له عدد من هؤلاء؛ حتى امتلأت البريّة بالنساك وعمرت بالصوامع.
لذلك فالقديس انطونيوس يدعى بكل حق منشيء الحياة الرهبانية الجماعية وأول واضعي القوانين الرهبانية.
قال : "الكتاب المقدس هو نور هاد وكاف لينير عقلنا ويقدس نفوسنا ويسدد خطانا نحو البرّ والقداسة والسعادة. وهو غذاء للنفس وينبوع تجري منه مياه النعمة للحياة الأبدية. كيف لا وهو كلام الله الذي قال أنا الطريق والحق والحياة؛ وانا الراعي الصالح؛ تزول الدنيا وحرف واحد من الناموس لا يزول".
لقد انعم الله على القديس انطونيوس بحياة طويلة، قضاها مع الله بالجهاد العنيد والتهجد المستمر والحب المستميت.
ولما علم بدنو اجله حدثته نفسه بزيارة تلاميذه في صوامعهم للمرة الأخيرة ليراهم ويلقي عليهم وصيته الأبوية الأخيرة. ولما وصل سلّم عليهم وقال: "هذه، يا أولادي زيارتي الأخيرة لكم. ولا اظن اني اراكم بعد في هذه الدنيا. ان المئة والخمس سنين تضطرني الى ان انحلّ من هذا الجسم الفاني".
وتابع يقول: "يا اولادي، اني مغادركم. غير اني لا انفك عن محبتكم. مارسوا دائماً اعمالكم المقدسة ولا تتراخو قط. احرصوا كل الحرص الا تدنس انفسكم شوائب الأفكار. اجعلوا الموت نصب اعينكم واجعلوا قيد ابصاركم حياة القديسين واقتدوا بهم."...
هكذا كانت حياة القديس انطونيوس في هذه الدنيا. وحياته في هذه الدنيا كانت بداية حياة رهبانية جماعية اتخذت مثالا وبداية سعادة ابدية خالدة في السماء.
تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة في اليوم السابع عشر من شهر كانون الثاني.
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى