القديسة ميلاني والقديس البار جيلاسيوس الفلسطيني
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
القديسة ميلاني والقديس البار جيلاسيوس الفلسطيني
القديسة ميلاني والقديس البار جيلاسيوس الفلسطيني
31 /12 شرقي (13 /1 غربي)
هناك قديستان معروفتان باسم ميلاني، ندعو الأولى بالكبيرة والثانية بالصغيرة، ويبدو أن مؤلف السنكسار (تراجم القديسين) قد جمل الاثنتين تحت اسم واحد، ونضع هنا لمحة عن كل واحدة.
ميلاني الكبيرة
هي من إحدى أشرف العائلات الأسبانية، من الجذور الرومية، متحدرة من مدينة روما. تربطها قرابة بالقديس يولينوس النولي (+431م)، وكانت من أغنى أغنياء اسبانيا في ذلك الزمان. تزوجت صغيرة السن ثم ترملت وهي في الثالثة والعشرين. إثر وفاة زوجها قالت لربها: الآن سيدي، بتّ حرة في نذر نفسي إليك ولا ما يلهيني عنك. كان لها ولد اسمه بوبليكولا استودعته مربين صالحين ورحلت إلى مصر، برفقة روفينوس الأكويلي سنة 371م. زارت هناك وعززت الرهبان والنساك في جبل نطريه فوزعت غناها على المحتاجين وساندت المسيحيين ضد الهراطقة الآريوسيين، ثم انتقلت إلى فلسطين متخفية. قبض عليها حاكم أورشليم لأنه اتاب في أمرها بعدما أخذت تتردد على بعض المساجين، ولكن لما كشفت عن نفسها أطلق سراحها وعاملها بإكرام.
بعد حين، بنت ميلاني الكبيرة لها ديراً في أورشليم ولبست الخشونة وأخذت تنام على الأرض وتتغطى بالمسوح. سلكت على هذا النحو، في فلسطين، سبعة وعشرين عاماً كانت الصلاة والتأمل في الكتاب المقدس خلالها شغلها الشاغل. عادت ميلاني إلى رومية بعد غياب دام سبعة وثلاثين عاماً وقد أسهمت في هداية أقربائها ومعارفها. لكن ميلاني لم تبق فترة طويلة في روما، فعادت إلى أورشليم ووزعت كل ما بقي لها من مال على الفقراء ولازمت ديرها أربعين يوماً رقدت بسلام بعدها في الرب سنة 410م عن عمر يناهز الثامنة والستين. يعرف ديرها اليوم باسم دير البنات في القدس وهو على مسافة مئة متر من كنيسة القيامة وملاصق لدير قسطنطين وهيلانة الدير المركزي لبطريركية القدس.
أثناء ذلك، نما بوبليكولا بان ميلاني الكبيرة وبلغ سن الزواج فتزوج بألبينا التي أنجبت له صبياً وبنتاً. أما البنت فهي القديسة ميلاني الصغيرة.
ميلاني الصغيرة
ولدت في فاليريا ميلانيا، ابنة بوبيليكولا أحد زعماء روما وحفيدة القديسة ميلاني الكبيرة، تزوجت قصراً، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. زوجها "بنيان" كان ابن ساويروس حاكم روما. حالما تم زفافها اقترحت على زوجها أن تسلك وإياه في العفة ويكونا بمثابة أخ وأخت فلم يوافقها. ثم بعد أخذ ورد اتفق الزوجان على إنجاب ولدين وحسب تأميناً لذريتهما ثم الخروج من العالم معاً. وكان أن من الرب الإله عليهما بانة كرساها لله فوراً. ثم بعد سنوات قليلة أنجبت ميلاني صبياً. لكن توفي الصبي والبنت معاً بعد حين. فكان ذلك إذاناً لميلاني وبنيان بأن خروجهما من العالم قد آن. غادرا منزلهما الفخم في روما واستقرا في ضاحية للمدينة متكرسين للعناية بالمسافرين والمرضى والمساجين. من ذلك الوقت أخذت ميلاني وزوجها في تصفية ثروتهما الهائلة. الدافع إلى ذلك كان حلماً واحداً رأياه معاً وهو أ،ه كان بإزائهما حائط مرتفع وجب عليهما أن يخترقاه قبل أن يتمكنا من العبور بباب ضيق إلى ملكوت السموات. لكن توزيع ثروتهما الهائلة لم يكن سهلاً. وأخذا يوزعانها بين بريطانيا وأفريقيا وإسبانيا وإيطاليا. وقد أعتقا ثمانية آلاف من العبيد وزودا كل واحد منهم ثلاث قطع ذهبية. وأذخا يساعدان في تشييد الأديرة والكنائس في الشرق والغرب. في سنة 410م انتقلت ميلاني مع زوجها وأمها برفقة ستين عذراء وثلاثين راهب إلى جزيرة صقليا، ومن هناك انتلت إلى أفريقيا الشمالية حيث بنت في مدينة تغاستة التونسية ديراً للرجال وآخراً للنساء.
ثابرت على العفة والطهراة والنسك تمسك بالصلاة والصوم كانت تصوم خمسة أيام في الأسبوع وتأخذ ما يقوتها فقط يويم السبت والأحد، كانت أمها ألبينا رفيقة دربها، سبعة سنوات قضتها ميلاني في أفريقيا برفقة زوجها وأمها ثم انتقلت بعدها إلى فلسطين الأرض المقدسة، هناك أخذت تقضي النهار في كنيسة القيامة والليل في موضع الجلجلة.
زارت النساك في برية نيتريا في مصر، فيما عملت والدتها على إعداد قلاية خشبية لها عند جبل الزيتون. في هذه القلاية أقامت ميلاني أربعة عشرة سنة (417-431م). وقد اعتاد ملازمة مكانها وعدم الخروج منه البتة بين الظهور الإلهي والفصح المقدس. لا تقبل خلالها من الزائرين إلا والدتها وزوجها وبولا ابنة عمها وابنة القديسة بولا.
رقدت والدة ميلاني ألبينا سنة 431م على الأثر خرجت ميلاني من عزلتها وأسست على جبل الزيتون ديراً للعذارى ضم تسعين عذراء لم تسوعها نفسها أن تكون رئيسة على البنات عيّنت لهن واحدة تدبرهن واكتفت هي بالمثال الصالح وكلمة المنفعة. جعلت نفسها خادمة للجميع.ومن مقولاتها: كل الفضائل وكل الجهادات من دون المحبة باطلة لأن الشيطان قادر على تزوير فضائلنا كلها ولا شيء يقهره غير التواضع والمحبة.
رقد بنيان زوج ميلاني سنة 431م دفنته بقرب المغارة التي أشيع أن الرب يسوع تنبأ فيها بخراب أورشليم. بقيت هناك اربع سنوات في قلاية مفتوحة منقطعة عن العالم بالكلية. ثم أوعزت إلى جيرونتيوس الكاهن، تلميذها ومترجمها ان يقيم ديراً رللرجال في المكان، ففعل.
وقد أنعم الرب الإله أمته ميلاني بموهبة شفاء المرضى. ولئلا تسقط في تجربة الشيطان بأفكار المجد الباطل كانت تزود من يأتون إليها ليستشفوا إما بالزيت المقدس المأخوذ من أضرحة بعض الشهداء وإما ببعض الحاجيات الخاصة بإحد القديسين المعروفين.
مرضت ميلاني بعدما احتفلت بعيد الميلاد المجيد سنة 439م فجمعت راهباتها وأعطتهم وصيتها ونصائحها وباركت عليهم. وقال أنها باقية معهن طالما أنهن باقيات أمينات للعريس السماوي. ثم زود الرهبان بنصيب من النصح وعيّنت الكاهن جيرونتيوس رئيساً عليهم. بعد ذلك رقدت بسلام.
بعض رفات القديسة ميلاني الصغرى موجود إلى اليوم في كنيسة القيامة في القدس وأيضاً في كوزانا المقدونية في اليونان وكذلك في دير الثالوث القدوس في اكروتيري الكريتية في اليونان.
تعيد لها الكنيسة الأرثوذكسية في الحادي والثلاثين من شهر كانون الاول.
أما القديس جيلاسيوس الفلسطيني
رغب في حياة التوحد منذ شبابه (القرن الخامس للميلاد). ترك كل شيء وعاش في فقر كامل. اختار لذلك ناحية من نواحي نيقوبوليس الفلسطينية انتشر فيها عدد من النساك. مثالهم ساعده على معرفة واجباته بسرعة وإتمامها. ربطته، بصورة عامة، صادقة بشيخ جليل كان بسيطاً للغاية ومارس الفقر الكامل. لم يكن لهذا الأخير سوى ثوب واحد يلبسه. كان يأكل من عمل يديه ولا يترك للغد شيئاً. جيلاسيوس الذي تبنى طريقة هذا الشيخ شاءه الرب الإله أن يبني ديراً ويعني بمن أرسلهم إليه. تعرض لتجارب شتى، ولكن أعانه الرب الإله في كل حاجاته. كثيرون حرك المولى قلوبهم قدموا لجيلاسيوس أراض وأموالاً لصالح الدير. خشي عليه الشيخ أن يتيه عقله ويخسر فقره فلفته إلى الأمر فأجابه واثقاً بنعمة الله فيه: "صدقني يا أبتي ان لذهنك تعلقاً بالإبرة التي تعمل بها أكثر من تعلق جيلاسيوس بهذه الخيرات". من الأحداث الدالة على تجرد جيلاسيوس وفقره أنه كانت له نسخة ثمينة جداً من الكتاب المقدس بعهديه فجعلها في كنيسة الدير، في متناول الجميع حتى من لفته حسن الكتاب قرأ فيه وتغذى من كلماته. وحدث أن راهباً زائراً دخل إلى الكنيسة فلفتته نسخة الكتاب واشتهته نفسه، فاختلسه ومصى إلى بلدة قريبة طالباً بيعه. فلما رأى أحد التجار الكتاب استهمل الراهب قليلاً ليسأل أحد معارفه إذا كان يستحق الثمن الذي طلبه. عرض التاجر الكتاب على القديس جيلاسيوس فلم يضطرب لرؤيته بل أكد له أنه يستحق هذا الثمن وأكثر. فلما عاد التاجر إلى الراهب أطلعه أن الأب جيلاسيوس قال أن الكتاب لا يستحق هذا الثمن، فاضطرب الراهب وسأله إذا كان جيلاسيوس قد رأى الكتاب فأجابه بالإيجاب. فأخذ الراهب الكتاب وعاد به إلى القديس واعترف لديه بخطيئته. فلم يشأ الأب جيلاسيوس أن يستعيد الكتاب إلا بعدما أصر الراهب عليه لأنه متعب الصمير. ثم أن الراهب انضم إلى دير جيلاسيوس وسار بسيرة حسنة إلى آخر حياته.
أيضاً يحكى أن راهباً ترك للقديس جيلاسيوس ميراثاً قوامه قلاية وقطعة أرض. ثم مات. فجاء أحد أقرباء الراهب وادعى الملكية لنفسه، ثم استجار، لتحصيل ما اعتبره حقاً له. بأحد أعيان نيقوبوليس المدعو فاكاتيوس. لم يشأ القديس أن يسلم الأرض وأراد فاكاتيوس أن يأخذها بالقوة، فكان يزعج رهبان الدير كلما ذهبوا إلى الأرض لجني ثمارها. وازداد فاكاتيوس عناداً وبدا الموضوع له كأن كرامته كلها في الميزان. ثم بعد تردد عزم على تقديم شكوى ضد جيلاسيوس في القسطنطينية مستعيناً بمعارفه. سافر فاكاتيوس بطريق البر. فلما عبر بسوريا عرج على القديس سمعان العمودي للزيارة والتبرك. فحالما وقعت عينا القديس سمعان عليه سأله من أي بلد هو. فأجاب: من فلسطين وذاهب إلى القسطنطينية لمشاغل أرجو أن أنجزها بصلاتك. فأجاب القديس سمعان: واأسفاه لعماك! لماذا لا تعترف بأنك مسافر لتزعج واحداً من رجال الله؟ لكني أقول لك لن تنجح ولن ترى بيتك بعد اليوم. وغذا أردت أن تتبع نصيحتي فعد إلى بلدك بسرعة وارتم عند قدمي رجل الله الذي أسأت إليه وسله الصفح. وليعطك الرب الإله ما يكفيك من الوقت لتصل إلى ديره. وتحققت نبوءة سمعان فأصابت فاكاتيوس الحمى واستعجل عائداً إلى دياره لمصالحة رجل الله، لكن الموت عاجله فرقد في بيروت.
هذا وقد مَنَّ الرب الإله على القديس جيلاسيوس بموهبة العجائب. من أخباره أن طباخ الدير ركل ولداً مرة لأنه فاجأه يأكل سمكة كانت معدة للرهبان، فقتله، فخاف الطباخ جداً وخبأ الجثة ثم جاء إلى القديس جيلاسيوس وركع عند قدميه وأخبره بما حدث. فطمأنه جيلاسيوس قائلاً: لا تقل لأحد واحمل الولد عند المساء وضعه أمام المذبح في الكنيسة، فيما الإخوة نائمون. فأطاع. جاء القديس جيلاسيوس إلى الكنيسة مساء وصلى إلى الرب الإله، بحرارة، أن يعيد الحياة إلى الولد فاستُجيبت طلبته ولم يدع الطباخ يخبر أحداً بما حدث إلى أن رقد.
كذلك كان القديس جيلاسيوس أحد المدافعين المتحمسين عن مجمع خلقيدونيا. وقد كانت له مواجهة مع ثيودوسيوس الذي اغتصب كرسي أورشليم من جوفيناليوس القديس المعيد له في 2 تموز. بعث ثيوذوسيوس في طلبه، فاصطحب الولد الذي كان ميتاً فعاش. ولما وقف جيلاسيوس أمام ثيوذوسيوس الوقاع في هرطقة إفتيخيوس، القائل بالطبيعة الواحدة للمسيح، قدم له الولد قائلاً: إذا شئت أن تتحدث في مسائل الإيمان فهاك هذا الولد يجيبك لأنه لا وقت لدي أصيعه في سماعك! ولما أصر عليه أن يعترف به أسقفاً لأورشليم أجابه: أنا لا أعرف غير أسقف واحد لأورشليم وهو جوفيناليوس. وقد حاول أتباع ثيوذوسيوس احراق القديس فخافوا من الشعب. فعاد قديسنا إلى ديره بسلام، وبقي إلى أن أخذه الرب الإله إليه.
تعيّد لهما كنيستنا الأرثوذكسية في الحادي والثلاثين من شهر كانون أول.
31 /12 شرقي (13 /1 غربي)
هناك قديستان معروفتان باسم ميلاني، ندعو الأولى بالكبيرة والثانية بالصغيرة، ويبدو أن مؤلف السنكسار (تراجم القديسين) قد جمل الاثنتين تحت اسم واحد، ونضع هنا لمحة عن كل واحدة.
ميلاني الكبيرة
هي من إحدى أشرف العائلات الأسبانية، من الجذور الرومية، متحدرة من مدينة روما. تربطها قرابة بالقديس يولينوس النولي (+431م)، وكانت من أغنى أغنياء اسبانيا في ذلك الزمان. تزوجت صغيرة السن ثم ترملت وهي في الثالثة والعشرين. إثر وفاة زوجها قالت لربها: الآن سيدي، بتّ حرة في نذر نفسي إليك ولا ما يلهيني عنك. كان لها ولد اسمه بوبليكولا استودعته مربين صالحين ورحلت إلى مصر، برفقة روفينوس الأكويلي سنة 371م. زارت هناك وعززت الرهبان والنساك في جبل نطريه فوزعت غناها على المحتاجين وساندت المسيحيين ضد الهراطقة الآريوسيين، ثم انتقلت إلى فلسطين متخفية. قبض عليها حاكم أورشليم لأنه اتاب في أمرها بعدما أخذت تتردد على بعض المساجين، ولكن لما كشفت عن نفسها أطلق سراحها وعاملها بإكرام.
بعد حين، بنت ميلاني الكبيرة لها ديراً في أورشليم ولبست الخشونة وأخذت تنام على الأرض وتتغطى بالمسوح. سلكت على هذا النحو، في فلسطين، سبعة وعشرين عاماً كانت الصلاة والتأمل في الكتاب المقدس خلالها شغلها الشاغل. عادت ميلاني إلى رومية بعد غياب دام سبعة وثلاثين عاماً وقد أسهمت في هداية أقربائها ومعارفها. لكن ميلاني لم تبق فترة طويلة في روما، فعادت إلى أورشليم ووزعت كل ما بقي لها من مال على الفقراء ولازمت ديرها أربعين يوماً رقدت بسلام بعدها في الرب سنة 410م عن عمر يناهز الثامنة والستين. يعرف ديرها اليوم باسم دير البنات في القدس وهو على مسافة مئة متر من كنيسة القيامة وملاصق لدير قسطنطين وهيلانة الدير المركزي لبطريركية القدس.
أثناء ذلك، نما بوبليكولا بان ميلاني الكبيرة وبلغ سن الزواج فتزوج بألبينا التي أنجبت له صبياً وبنتاً. أما البنت فهي القديسة ميلاني الصغيرة.
ميلاني الصغيرة
ولدت في فاليريا ميلانيا، ابنة بوبيليكولا أحد زعماء روما وحفيدة القديسة ميلاني الكبيرة، تزوجت قصراً، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. زوجها "بنيان" كان ابن ساويروس حاكم روما. حالما تم زفافها اقترحت على زوجها أن تسلك وإياه في العفة ويكونا بمثابة أخ وأخت فلم يوافقها. ثم بعد أخذ ورد اتفق الزوجان على إنجاب ولدين وحسب تأميناً لذريتهما ثم الخروج من العالم معاً. وكان أن من الرب الإله عليهما بانة كرساها لله فوراً. ثم بعد سنوات قليلة أنجبت ميلاني صبياً. لكن توفي الصبي والبنت معاً بعد حين. فكان ذلك إذاناً لميلاني وبنيان بأن خروجهما من العالم قد آن. غادرا منزلهما الفخم في روما واستقرا في ضاحية للمدينة متكرسين للعناية بالمسافرين والمرضى والمساجين. من ذلك الوقت أخذت ميلاني وزوجها في تصفية ثروتهما الهائلة. الدافع إلى ذلك كان حلماً واحداً رأياه معاً وهو أ،ه كان بإزائهما حائط مرتفع وجب عليهما أن يخترقاه قبل أن يتمكنا من العبور بباب ضيق إلى ملكوت السموات. لكن توزيع ثروتهما الهائلة لم يكن سهلاً. وأخذا يوزعانها بين بريطانيا وأفريقيا وإسبانيا وإيطاليا. وقد أعتقا ثمانية آلاف من العبيد وزودا كل واحد منهم ثلاث قطع ذهبية. وأذخا يساعدان في تشييد الأديرة والكنائس في الشرق والغرب. في سنة 410م انتقلت ميلاني مع زوجها وأمها برفقة ستين عذراء وثلاثين راهب إلى جزيرة صقليا، ومن هناك انتلت إلى أفريقيا الشمالية حيث بنت في مدينة تغاستة التونسية ديراً للرجال وآخراً للنساء.
ثابرت على العفة والطهراة والنسك تمسك بالصلاة والصوم كانت تصوم خمسة أيام في الأسبوع وتأخذ ما يقوتها فقط يويم السبت والأحد، كانت أمها ألبينا رفيقة دربها، سبعة سنوات قضتها ميلاني في أفريقيا برفقة زوجها وأمها ثم انتقلت بعدها إلى فلسطين الأرض المقدسة، هناك أخذت تقضي النهار في كنيسة القيامة والليل في موضع الجلجلة.
زارت النساك في برية نيتريا في مصر، فيما عملت والدتها على إعداد قلاية خشبية لها عند جبل الزيتون. في هذه القلاية أقامت ميلاني أربعة عشرة سنة (417-431م). وقد اعتاد ملازمة مكانها وعدم الخروج منه البتة بين الظهور الإلهي والفصح المقدس. لا تقبل خلالها من الزائرين إلا والدتها وزوجها وبولا ابنة عمها وابنة القديسة بولا.
رقدت والدة ميلاني ألبينا سنة 431م على الأثر خرجت ميلاني من عزلتها وأسست على جبل الزيتون ديراً للعذارى ضم تسعين عذراء لم تسوعها نفسها أن تكون رئيسة على البنات عيّنت لهن واحدة تدبرهن واكتفت هي بالمثال الصالح وكلمة المنفعة. جعلت نفسها خادمة للجميع.ومن مقولاتها: كل الفضائل وكل الجهادات من دون المحبة باطلة لأن الشيطان قادر على تزوير فضائلنا كلها ولا شيء يقهره غير التواضع والمحبة.
رقد بنيان زوج ميلاني سنة 431م دفنته بقرب المغارة التي أشيع أن الرب يسوع تنبأ فيها بخراب أورشليم. بقيت هناك اربع سنوات في قلاية مفتوحة منقطعة عن العالم بالكلية. ثم أوعزت إلى جيرونتيوس الكاهن، تلميذها ومترجمها ان يقيم ديراً رللرجال في المكان، ففعل.
وقد أنعم الرب الإله أمته ميلاني بموهبة شفاء المرضى. ولئلا تسقط في تجربة الشيطان بأفكار المجد الباطل كانت تزود من يأتون إليها ليستشفوا إما بالزيت المقدس المأخوذ من أضرحة بعض الشهداء وإما ببعض الحاجيات الخاصة بإحد القديسين المعروفين.
مرضت ميلاني بعدما احتفلت بعيد الميلاد المجيد سنة 439م فجمعت راهباتها وأعطتهم وصيتها ونصائحها وباركت عليهم. وقال أنها باقية معهن طالما أنهن باقيات أمينات للعريس السماوي. ثم زود الرهبان بنصيب من النصح وعيّنت الكاهن جيرونتيوس رئيساً عليهم. بعد ذلك رقدت بسلام.
بعض رفات القديسة ميلاني الصغرى موجود إلى اليوم في كنيسة القيامة في القدس وأيضاً في كوزانا المقدونية في اليونان وكذلك في دير الثالوث القدوس في اكروتيري الكريتية في اليونان.
تعيد لها الكنيسة الأرثوذكسية في الحادي والثلاثين من شهر كانون الاول.
أما القديس جيلاسيوس الفلسطيني
رغب في حياة التوحد منذ شبابه (القرن الخامس للميلاد). ترك كل شيء وعاش في فقر كامل. اختار لذلك ناحية من نواحي نيقوبوليس الفلسطينية انتشر فيها عدد من النساك. مثالهم ساعده على معرفة واجباته بسرعة وإتمامها. ربطته، بصورة عامة، صادقة بشيخ جليل كان بسيطاً للغاية ومارس الفقر الكامل. لم يكن لهذا الأخير سوى ثوب واحد يلبسه. كان يأكل من عمل يديه ولا يترك للغد شيئاً. جيلاسيوس الذي تبنى طريقة هذا الشيخ شاءه الرب الإله أن يبني ديراً ويعني بمن أرسلهم إليه. تعرض لتجارب شتى، ولكن أعانه الرب الإله في كل حاجاته. كثيرون حرك المولى قلوبهم قدموا لجيلاسيوس أراض وأموالاً لصالح الدير. خشي عليه الشيخ أن يتيه عقله ويخسر فقره فلفته إلى الأمر فأجابه واثقاً بنعمة الله فيه: "صدقني يا أبتي ان لذهنك تعلقاً بالإبرة التي تعمل بها أكثر من تعلق جيلاسيوس بهذه الخيرات". من الأحداث الدالة على تجرد جيلاسيوس وفقره أنه كانت له نسخة ثمينة جداً من الكتاب المقدس بعهديه فجعلها في كنيسة الدير، في متناول الجميع حتى من لفته حسن الكتاب قرأ فيه وتغذى من كلماته. وحدث أن راهباً زائراً دخل إلى الكنيسة فلفتته نسخة الكتاب واشتهته نفسه، فاختلسه ومصى إلى بلدة قريبة طالباً بيعه. فلما رأى أحد التجار الكتاب استهمل الراهب قليلاً ليسأل أحد معارفه إذا كان يستحق الثمن الذي طلبه. عرض التاجر الكتاب على القديس جيلاسيوس فلم يضطرب لرؤيته بل أكد له أنه يستحق هذا الثمن وأكثر. فلما عاد التاجر إلى الراهب أطلعه أن الأب جيلاسيوس قال أن الكتاب لا يستحق هذا الثمن، فاضطرب الراهب وسأله إذا كان جيلاسيوس قد رأى الكتاب فأجابه بالإيجاب. فأخذ الراهب الكتاب وعاد به إلى القديس واعترف لديه بخطيئته. فلم يشأ الأب جيلاسيوس أن يستعيد الكتاب إلا بعدما أصر الراهب عليه لأنه متعب الصمير. ثم أن الراهب انضم إلى دير جيلاسيوس وسار بسيرة حسنة إلى آخر حياته.
أيضاً يحكى أن راهباً ترك للقديس جيلاسيوس ميراثاً قوامه قلاية وقطعة أرض. ثم مات. فجاء أحد أقرباء الراهب وادعى الملكية لنفسه، ثم استجار، لتحصيل ما اعتبره حقاً له. بأحد أعيان نيقوبوليس المدعو فاكاتيوس. لم يشأ القديس أن يسلم الأرض وأراد فاكاتيوس أن يأخذها بالقوة، فكان يزعج رهبان الدير كلما ذهبوا إلى الأرض لجني ثمارها. وازداد فاكاتيوس عناداً وبدا الموضوع له كأن كرامته كلها في الميزان. ثم بعد تردد عزم على تقديم شكوى ضد جيلاسيوس في القسطنطينية مستعيناً بمعارفه. سافر فاكاتيوس بطريق البر. فلما عبر بسوريا عرج على القديس سمعان العمودي للزيارة والتبرك. فحالما وقعت عينا القديس سمعان عليه سأله من أي بلد هو. فأجاب: من فلسطين وذاهب إلى القسطنطينية لمشاغل أرجو أن أنجزها بصلاتك. فأجاب القديس سمعان: واأسفاه لعماك! لماذا لا تعترف بأنك مسافر لتزعج واحداً من رجال الله؟ لكني أقول لك لن تنجح ولن ترى بيتك بعد اليوم. وغذا أردت أن تتبع نصيحتي فعد إلى بلدك بسرعة وارتم عند قدمي رجل الله الذي أسأت إليه وسله الصفح. وليعطك الرب الإله ما يكفيك من الوقت لتصل إلى ديره. وتحققت نبوءة سمعان فأصابت فاكاتيوس الحمى واستعجل عائداً إلى دياره لمصالحة رجل الله، لكن الموت عاجله فرقد في بيروت.
هذا وقد مَنَّ الرب الإله على القديس جيلاسيوس بموهبة العجائب. من أخباره أن طباخ الدير ركل ولداً مرة لأنه فاجأه يأكل سمكة كانت معدة للرهبان، فقتله، فخاف الطباخ جداً وخبأ الجثة ثم جاء إلى القديس جيلاسيوس وركع عند قدميه وأخبره بما حدث. فطمأنه جيلاسيوس قائلاً: لا تقل لأحد واحمل الولد عند المساء وضعه أمام المذبح في الكنيسة، فيما الإخوة نائمون. فأطاع. جاء القديس جيلاسيوس إلى الكنيسة مساء وصلى إلى الرب الإله، بحرارة، أن يعيد الحياة إلى الولد فاستُجيبت طلبته ولم يدع الطباخ يخبر أحداً بما حدث إلى أن رقد.
كذلك كان القديس جيلاسيوس أحد المدافعين المتحمسين عن مجمع خلقيدونيا. وقد كانت له مواجهة مع ثيودوسيوس الذي اغتصب كرسي أورشليم من جوفيناليوس القديس المعيد له في 2 تموز. بعث ثيوذوسيوس في طلبه، فاصطحب الولد الذي كان ميتاً فعاش. ولما وقف جيلاسيوس أمام ثيوذوسيوس الوقاع في هرطقة إفتيخيوس، القائل بالطبيعة الواحدة للمسيح، قدم له الولد قائلاً: إذا شئت أن تتحدث في مسائل الإيمان فهاك هذا الولد يجيبك لأنه لا وقت لدي أصيعه في سماعك! ولما أصر عليه أن يعترف به أسقفاً لأورشليم أجابه: أنا لا أعرف غير أسقف واحد لأورشليم وهو جوفيناليوس. وقد حاول أتباع ثيوذوسيوس احراق القديس فخافوا من الشعب. فعاد قديسنا إلى ديره بسلام، وبقي إلى أن أخذه الرب الإله إليه.
تعيّد لهما كنيستنا الأرثوذكسية في الحادي والثلاثين من شهر كانون أول.
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى