القديس البار باخوميوس الكبير (348م)

القديس البار باخوميوس الكبير (348م)


15/ 5 شرقي (28/ 5 غربي)

البار باخوميوس هو أول من وضع قانون لحياة الشركة الرهبانية. وقد ولد في صعيد مصر الأقصى من أبوين وثنيين حوالي العام 292م. في العشرين من عمره جند وأرسل على متن مركب سلك خط مياه النيل. فلما بلغ الجنود مدينة لاتوبوليس (إسنا)، عند المساء، كانوا منهكين. كان يقطن في المدينة مسيحيون فقدموا للجنود الطعام والمساعدة. هذه البادرة الطيبة تركت لدى باخوميوس انطباعاً قوياً حتى إنه تساءل باستغراب وسأل: ما الذي يدفع هؤلاء القوم إلى الإهتمام بنا وهم لا يعرفوننا وليس ما يربطهم بنا؟ وأتهه الجواب أن هؤلاء مسيحيون يعبدون الإلأه خالق السماء والأرض وهو يعلمهم أن يحبوا الغرباء تماماً كما يحبون أقربائهم وحتى أنفسهم. وبعد تسريحه من الخدمة انطلف إلى شينوبوسيكون (قصر الصياد) حيث سجل اسمه في قائمة الموعوظين وجرت عمادته.

سمع باخوميوس بالشيخ بلامون الذي كان يقطن في البرية، فانطلق إليه وسأله أن يقبله لديه تلميذاً. فقبله الشيخ بعد تردد، وأخذ باخوميوس يعمل ما يرى معلمه. يتلوان المزامير سوية أو يعملان الأشغال اليدوية ويستغرقان في الصلاة الداخلية أثناء الليل. اعتاد باخوميوس أن الذهاب إلى مطرح رحب قاحل، على ضفاف النهر، وكان اسم الموضع طبانسين بالقرب من بافو. فحدث له وهو هناك، مرة، يصلي أن سمع صوتاً يأمره أن يبني ديراً، في المكان، يقتبل فيه من يرسلهم الرب الإله لخدمته. في تلك الفترة، أيضاً، تلقى باخوميوس من ملاك بعض التوجيهات الخاصة بالحياة الرهبانية.

عاد باخوميوس إلى شيخه وأطلعه على ما جرى له فتوجها معاً طبانسين وبنيا فيها قرية صغيرة حدود عام 325م أي بعد حوالي عشرين سنة من تأسيس القديس أنطونيوس الكبير ديره الأول. أول الذين قدموا إلى باخوميوس كان أخيه يوحنا ثم آخرون وكذلك أخته ايضاً جاءته فلم يقبلها ولكنه شجعها على الحياة الرهبانية وأسس لها ديراً في الإتجاه المقابل من نهر النيل. توسع ديره وصار عدد الرهبان مئة راهب. كانت ثياب الراهب الباخومي من الكتان الخشن، أم ثوب القديس باخوميوس فكان من الشعر. وكان يعمل الرهبان في الأعمال اليدوية، والقديس كان يعتني برعاية المرضى، وكان الصمت مفروضاً بصرامة حتى إذا شاء أحد، عند الضرورة أن يسأل أمراً، سأله إيماءً.

بنى باخوميوس ستة أديرة فيما بعد، عُرف باخوميوس بحكمة روحية وقد جرت على يديه العجائب، وكانت هيئته كملاك لا كإنسان.

ومن العجائب نذكر: أنه بالرغم من جهله اليونانية واللاتينية فإنه كان أحياناً يتكلم بهما. كذلك شفى المرضى والممسوسين بالزيت المقدس. وقد ورد أن أقرب تلاميذه القديس ثيوذوسيوس الذي خلفه على الأديرة بعد وفاته، كان يعاني من وجع دائم في الرأس. وقد سأل بعض الأخوة القديس باخوميوس من أجله فكان جوابه: إذا كانت للإمساك والصلاة قيمة عظيمة فإن للمرض إذا احتمله صاحبه بصبر قيمة أكبر. ذات يوم تعب أحد الرهبان تعباً مضاعفاً في العمل اليدوي فأنجز حصيرتين بدلاً من واحدة وجعلهما في موضوع يمكن للقديس أن يراهما فيه. فلما لمحهما باخوميوس لاحظ الفخ المنصوب بهما وقال: لقد تعب هذا الأخ تعباً جزيلاً من الصباح إلى الليل ليقدم عمله للشيطان. ولكي يبرئ زهوة بالإحتقار جعله من باب التفكير يلازم قلايته خمسة اشهر دون أن يكون له فيها سوى القليل من الخبز والملح والماء.

ومن أخباره أيضاً ان شاباً اسمه سلوانس، سبق له أن تعاطى التمثيل على المسرح، هذا دخل إلى الدير راغباً في التوبة، لكنه ما لبث أن سقط في التواني وأظهر ولعاً بتسلية نفسه والآخرين بالتهريج. لفته القديس مرات عديدة بمحبة إلى خطورة فعلته فلم يرتدع. فصلى القديس باخوميوس من أجل الشاب، فتغير الشاب وصار مثالاً في الاتضاع إلى أن رقد في الرب.وهب الرب الإله باخوميوس موهبة النبوءة، فأخبر عن انحلال الحمية الرهبانية في الشركة في المستقبل. في العام 348م مثل أمام مجمع للأساقفة في لاتوبوليس (إيستا) وأجاب عن تهمة وجهها إليه بعض المفسدين الحاسدين، وقد أكبر الأساقفة تواضعه الفائق.

مرض بوباء اجتاح مصر، وقد حصد مئة من رهبانه، وقد رقد بالرب عن سبع وخمسين سنة بعدما عاين الأديرة التي أسسها حوالي سبعة آلالاف راهب، وقد بقيت رهبانيته عامره لغاية القرن الحادي عشر.

تعيّد له كنيستنا الرومية الأرثوذكسية في اليوم الخامس عشر من شهر ايار.