شهداء سبسطية الأربعون (القرن 4م)
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
شهداء سبسطية الأربعون (القرن 4م)
شهداء سبسطية الأربعون (القرن 4م)
09/ 3 شرقي (22/3 غربي)
لما فكّ ليسينيوس قيصر (308 – 323) رباطه بقسطنطين الملك بان حقده على المسيحيين واضحا فأصدر مراسيم بملاحقتهم والفتك بهم. وتنفيذا لسياسته عيّن على المقاطعات حكاما منتخبين شدّد عليهم بضرورة اتباع أسلوب القبضة الحديدية إزاء أعداء الأمة. فإن تمكنوا من إخضاعهم واستعادتهم فحسنا يفعلون وإن عاند المسيحيون وتصلّبوا فلتُنزل لحقهم أقسى العقوبات تهويلا وتأديبا.
أما الحاكم المعين على بلاد الكبادوك وأرمينيا الصغرى فكان اسمه أغريقولاوس وكان أحد أكثر المتحمّسين لتنفيذ الأوامر الملكية. لهذه الغاية استدعى إلى سبسطية، وهي مقرّ إقامته، الفيلق الثاني عشر المعروف بالفيلق الناري أو فيلق الرعد الذي كان بإمرة ا لدوق ليسياس. وقد طلب من العسكر تقديم الإكرام لآلهة المملكة تعبيرا عن ولائهم للوطن وقيصر. الكل خضع ما عدا الأربعون امتنعوا لأنهم مسيحيون. جاء هؤلاء من أماكن مختلفة لكن وحّدهم الإيمان والحب. مثلوا أمام الحاكم كرجل واحد أو كمصارعين جاؤوا ليسجلوا أسماءهم في سجل المواجهة. كلهم كشف عن هويته بالطريقة عينها :"أنا مسيحي!"
حاول أغريقولاوس، أول الأمر، ان يستعيدهم بالكلام الملق منوِّها بشجاعتهم وحظوتهم لدى قيصر وواعدا إياهم بالحسنات لو خضعوا لأوامره. أجابه القديسون: إذا كنا قد حاربنا بشجاعة من أجل ملك الأرض فكم يجب علينا ان نحارب، بحميّة أشدّ، من أجل سيد الخليقة. بالنسبة لنا لا حياة إلا الموت لأجل المسيح!
أودع الشهداء السجن بانتظار الجلسة التالية. جثوا على ركبهم وسألوا ربهم العون وأنشدوا المزامير. وقد ظهر لهم الرب يسوع وقال لهم: لقد كانت بدايتكم حسنة لكن الإكليل لا يُعطى لكم إلا إذا بقيتم أمناء إلى المنتهى !
صباح اليوم التالي أوقفهم الحاكم أمامه من جديد. عاد فأسمعهم الكلام المعسول فتصدّى له أحد الأربعين، المدعو كنديدوس، وفضح لطفه الكاذب، فخرج الحاكم عن طوره وصار يغلي. لكنه، في غياب ليسياس القائد المباشر، وجد نفسه عاجزا عن اتخاذ أي تدبير في حقهم فتصبّر وانتظر، فيما أُعيد الأربعون إلى السجن.
ومرت سبعة أيام ووصل ليسياس. استيق الموقوفون ليمثلوا أمامه. في الطريق قال أحدهم مشجّعا إخوانه، وهو كيريون: ثلاثة هم أعداؤنا الشيطان وليسياس والحاكم. ولكن ما الذي يقدرون عليه ونحن أربعون جنديا ليسوع المسيح؟! فلما رأى ليسياس صلابتهم وثباتهم أمر بقية الجنود الحاضرين بكسر أسنانهم بالحجارة. وما إن تحركوا لينفِّذوا الأمر حتى حلّ عليهم روح اضطراب ودبّ البلبال بينهم فأخذ بعضهم يضرب بعضا. أما ليسياس فأثار المشهد غيظه فأخذ حجرا ورمى به القديسين فلم يصب أيّا منهم بل أصاب الحاكم وجرحه جرحا بليغا. وانتهى المشهد بأن أُعيد الشهداء إلى السجن بانتظار اتخاذ قرار بشأن نوع التعذيب الذي يبغي إنزاله بهم.
أمر الحاكم بتجريد القديسين من ثيابهم وتركهم في العراء على البحيرة المتجمدة التي كانت تبعد قليلا عن المدينة. الغرض كان إهلاكهم بالآلام الرهيبة الناتجة عن البرد القارص في تلك الأنحاء. واستكمالا للمشهد جعل أغريقولاوس، عند طرف البحيرة، حماما ساخنا تعريضا للقديسين للتجربة. ردّ فعل الشهداء، لدى سماعهم الخبر، كان الفرح لأن جلجلتهم قد أشرفت على نهايتها وساعة الحق قد حضرت لهم.
نزع القديسون ثيابهم وألقوها عنهم. جُعلوا على البحيرة في حرارة متدنية جدا. حرارة الإيمان بالله وحدها كانت تدفئهم. عانوا الليل بطوله واخذت أجسادهم تثقل والدم يتجمد في عروقهم وعظمت آلامهم. كلهم تقوى بالله إلا واحد خارت عزيمته فاستسلم. فلما دخل غرفة المياه الساخنة أُصيب بصدمة بسبب الفرق بين حرارة جسمه وحرارة الحمام فسقط ميتا لتوِّه وخسر الدنيا وإكليل الحياة معا. أما التسعة والثلاثون الباقون فنزلت عليهم من السماء أكاليل الظفر. ونزل أيضا إكليل إضافي لم يكن من يستقر عليه. هذا رآه عسكري اسمه أغلايوس فاستنار ضميره بالإيمان بيسوع. للحال خلغ ثيابه وتعرّى ونزل لينضمّ إلى القديسين مجاهرا بكونه هو أيضا مسيحي. فحظي أغلايوس بالإكليل الأخير وبقي عدد الشهداء على ما هو عليه.
في صباح اليوم التالي، أمر أغريقولاوس الحاكم بسحب أجساد القديسين من البحيرة وتحطيم سوقهم ثم أخذهم وإلقائهم في النار لكي لا يبقى لهم أثر يخبِّر عنهم. وإذ تمم الجلادون ما هو مطلوب منهم وجعلوا الأجساد في عربة لاحظوا ان واحدا منهم كان لا يزال بعد حيّا، وهو أصغرهم واسمه مليتون فتركوه عساهم يحملونه على العودة عن قراره. وإذ فعلوا ذلك على مرأى من أمه التي كانت حاضرة، دنت منه وأخذته بذراعيها وجعلته في العربة وهي تشجّعه حتى لا يخسر إكليل الحياة، ثم رافقت العربة والبشر يملأها.
وكان ان أُحرق الشهداء ونُثر رمادهم وأُلقيت عظامهم في النهر. ولكن بعد ثلاثة أيام ظهروا في رؤيا لبطرس، أسقف سبسطية، وأشاروا إلى الموضع من النهر حيث كانت عظامهم. وقد ورد أن عظامهم توزعت في أمكنة عديدة وان إكرامهم انتشر، بصورة خاصة، بفضل عائلة القديس باسيليوس الكبير. القديسة أماليا، والدة القديس باسيليوس، بنت أول كنيسة على اسم الأربعين شهيدا. والدير الذي رأسته مكرينا حمل اسمهم ايضا. كذلك ألقى القديسان باسيليوس الكبير وغريغوريوس النيصصي، أخوه، مواعظ هامة في إكرامهم. والقديسان أفرام السوري ويوحنا الذهبي الفم فعلا الشيء نفسه. القديس باسيليوس الكبير قال عن رفاتهم المقدسة: انها كالأسوار تحفظنا من هجمات العدو، تقوِّم الساقطين وتشدّد الضعفاء. وقد ذكر المؤرخان زوسمينوس وبركوبيوس ان بعضا من رفات الأربعين جرى نقله إلى القسطنطينية وان العديد من الرؤى والآيات جرى تسجيلها هناك.
كان استشهاد هؤلاء القديسين حوالي العام 320م. وتعيّد لهم كنيستنا الأرثوذكسية في التاسع من شهر آذار
09/ 3 شرقي (22/3 غربي)
لما فكّ ليسينيوس قيصر (308 – 323) رباطه بقسطنطين الملك بان حقده على المسيحيين واضحا فأصدر مراسيم بملاحقتهم والفتك بهم. وتنفيذا لسياسته عيّن على المقاطعات حكاما منتخبين شدّد عليهم بضرورة اتباع أسلوب القبضة الحديدية إزاء أعداء الأمة. فإن تمكنوا من إخضاعهم واستعادتهم فحسنا يفعلون وإن عاند المسيحيون وتصلّبوا فلتُنزل لحقهم أقسى العقوبات تهويلا وتأديبا.
أما الحاكم المعين على بلاد الكبادوك وأرمينيا الصغرى فكان اسمه أغريقولاوس وكان أحد أكثر المتحمّسين لتنفيذ الأوامر الملكية. لهذه الغاية استدعى إلى سبسطية، وهي مقرّ إقامته، الفيلق الثاني عشر المعروف بالفيلق الناري أو فيلق الرعد الذي كان بإمرة ا لدوق ليسياس. وقد طلب من العسكر تقديم الإكرام لآلهة المملكة تعبيرا عن ولائهم للوطن وقيصر. الكل خضع ما عدا الأربعون امتنعوا لأنهم مسيحيون. جاء هؤلاء من أماكن مختلفة لكن وحّدهم الإيمان والحب. مثلوا أمام الحاكم كرجل واحد أو كمصارعين جاؤوا ليسجلوا أسماءهم في سجل المواجهة. كلهم كشف عن هويته بالطريقة عينها :"أنا مسيحي!"
حاول أغريقولاوس، أول الأمر، ان يستعيدهم بالكلام الملق منوِّها بشجاعتهم وحظوتهم لدى قيصر وواعدا إياهم بالحسنات لو خضعوا لأوامره. أجابه القديسون: إذا كنا قد حاربنا بشجاعة من أجل ملك الأرض فكم يجب علينا ان نحارب، بحميّة أشدّ، من أجل سيد الخليقة. بالنسبة لنا لا حياة إلا الموت لأجل المسيح!
أودع الشهداء السجن بانتظار الجلسة التالية. جثوا على ركبهم وسألوا ربهم العون وأنشدوا المزامير. وقد ظهر لهم الرب يسوع وقال لهم: لقد كانت بدايتكم حسنة لكن الإكليل لا يُعطى لكم إلا إذا بقيتم أمناء إلى المنتهى !
صباح اليوم التالي أوقفهم الحاكم أمامه من جديد. عاد فأسمعهم الكلام المعسول فتصدّى له أحد الأربعين، المدعو كنديدوس، وفضح لطفه الكاذب، فخرج الحاكم عن طوره وصار يغلي. لكنه، في غياب ليسياس القائد المباشر، وجد نفسه عاجزا عن اتخاذ أي تدبير في حقهم فتصبّر وانتظر، فيما أُعيد الأربعون إلى السجن.
ومرت سبعة أيام ووصل ليسياس. استيق الموقوفون ليمثلوا أمامه. في الطريق قال أحدهم مشجّعا إخوانه، وهو كيريون: ثلاثة هم أعداؤنا الشيطان وليسياس والحاكم. ولكن ما الذي يقدرون عليه ونحن أربعون جنديا ليسوع المسيح؟! فلما رأى ليسياس صلابتهم وثباتهم أمر بقية الجنود الحاضرين بكسر أسنانهم بالحجارة. وما إن تحركوا لينفِّذوا الأمر حتى حلّ عليهم روح اضطراب ودبّ البلبال بينهم فأخذ بعضهم يضرب بعضا. أما ليسياس فأثار المشهد غيظه فأخذ حجرا ورمى به القديسين فلم يصب أيّا منهم بل أصاب الحاكم وجرحه جرحا بليغا. وانتهى المشهد بأن أُعيد الشهداء إلى السجن بانتظار اتخاذ قرار بشأن نوع التعذيب الذي يبغي إنزاله بهم.
أمر الحاكم بتجريد القديسين من ثيابهم وتركهم في العراء على البحيرة المتجمدة التي كانت تبعد قليلا عن المدينة. الغرض كان إهلاكهم بالآلام الرهيبة الناتجة عن البرد القارص في تلك الأنحاء. واستكمالا للمشهد جعل أغريقولاوس، عند طرف البحيرة، حماما ساخنا تعريضا للقديسين للتجربة. ردّ فعل الشهداء، لدى سماعهم الخبر، كان الفرح لأن جلجلتهم قد أشرفت على نهايتها وساعة الحق قد حضرت لهم.
نزع القديسون ثيابهم وألقوها عنهم. جُعلوا على البحيرة في حرارة متدنية جدا. حرارة الإيمان بالله وحدها كانت تدفئهم. عانوا الليل بطوله واخذت أجسادهم تثقل والدم يتجمد في عروقهم وعظمت آلامهم. كلهم تقوى بالله إلا واحد خارت عزيمته فاستسلم. فلما دخل غرفة المياه الساخنة أُصيب بصدمة بسبب الفرق بين حرارة جسمه وحرارة الحمام فسقط ميتا لتوِّه وخسر الدنيا وإكليل الحياة معا. أما التسعة والثلاثون الباقون فنزلت عليهم من السماء أكاليل الظفر. ونزل أيضا إكليل إضافي لم يكن من يستقر عليه. هذا رآه عسكري اسمه أغلايوس فاستنار ضميره بالإيمان بيسوع. للحال خلغ ثيابه وتعرّى ونزل لينضمّ إلى القديسين مجاهرا بكونه هو أيضا مسيحي. فحظي أغلايوس بالإكليل الأخير وبقي عدد الشهداء على ما هو عليه.
في صباح اليوم التالي، أمر أغريقولاوس الحاكم بسحب أجساد القديسين من البحيرة وتحطيم سوقهم ثم أخذهم وإلقائهم في النار لكي لا يبقى لهم أثر يخبِّر عنهم. وإذ تمم الجلادون ما هو مطلوب منهم وجعلوا الأجساد في عربة لاحظوا ان واحدا منهم كان لا يزال بعد حيّا، وهو أصغرهم واسمه مليتون فتركوه عساهم يحملونه على العودة عن قراره. وإذ فعلوا ذلك على مرأى من أمه التي كانت حاضرة، دنت منه وأخذته بذراعيها وجعلته في العربة وهي تشجّعه حتى لا يخسر إكليل الحياة، ثم رافقت العربة والبشر يملأها.
وكان ان أُحرق الشهداء ونُثر رمادهم وأُلقيت عظامهم في النهر. ولكن بعد ثلاثة أيام ظهروا في رؤيا لبطرس، أسقف سبسطية، وأشاروا إلى الموضع من النهر حيث كانت عظامهم. وقد ورد أن عظامهم توزعت في أمكنة عديدة وان إكرامهم انتشر، بصورة خاصة، بفضل عائلة القديس باسيليوس الكبير. القديسة أماليا، والدة القديس باسيليوس، بنت أول كنيسة على اسم الأربعين شهيدا. والدير الذي رأسته مكرينا حمل اسمهم ايضا. كذلك ألقى القديسان باسيليوس الكبير وغريغوريوس النيصصي، أخوه، مواعظ هامة في إكرامهم. والقديسان أفرام السوري ويوحنا الذهبي الفم فعلا الشيء نفسه. القديس باسيليوس الكبير قال عن رفاتهم المقدسة: انها كالأسوار تحفظنا من هجمات العدو، تقوِّم الساقطين وتشدّد الضعفاء. وقد ذكر المؤرخان زوسمينوس وبركوبيوس ان بعضا من رفات الأربعين جرى نقله إلى القسطنطينية وان العديد من الرؤى والآيات جرى تسجيلها هناك.
كان استشهاد هؤلاء القديسين حوالي العام 320م. وتعيّد لهم كنيستنا الأرثوذكسية في التاسع من شهر آذار
مــنــتــدى الــكــنــيــســة الأرثــوذكــســيــة - فــلــســطــيــن - الأرض الــمــقدســة :: الفئة الأولى :: سير القديسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى